كما فازت "روسيا الموحَّدة" بنسبة 88% من المقاعد (198 مقعداً) في الدوائر الانتخابية ذات التفويض الواحد. وهكذا، بشكل تراكمي، يفوز الحزب الحاكم بأكثر من 300 مقعد مع الحفاظ على الأغلبية الدستورية في مجلس النواب "الدوما"، المجلس الأدنى للجمعية الفدرالية الروسية.
وكان التأثير السلبي لوباء "كوفيد-19" على الاقتصاد العالمي، والصعوبات المرتبطة به، خلال العام الماضي، قد أدى إلى زيادة درجة التوتر والاستياء بين السكان، وهو ما يجعل نجاح الحزب الحاكم، في ظل هذه الخلفية، تأكيداً مثيراً للإعجاب على مستوى الدعم الذي يلقاه الحزب بين جموع الناخبين.
كذلك شكّلت زيادة الإقبال على صناديق الاقتراع مفاجأة سارة للحزب الحاكم، حيث بلغت نسبة الإقبال على المشاركة في الانتخابات، 51.68% مقابل 47.88% في عام 2016.
من ناحية أخرى، لم تتغير حصة أحزاب المعارضة كثيراً. كان التغيير المهم هو دخول الحزب الخامس، "أناس جدد"، إلى البرلمان بقيادة، أندريه نيتشايف، أول وزير اقتصاد لروسيا عقب انهيار الاتحاد السوفيتي. نتيجة لذلك، سوف يمثّل هؤلاء الجزء الصغير من المجتمع، ممن يؤيدون الغرب وتوجهاته الليبرالية للغاية، مرة أخرى، حيث كان زعيم الحزب، أندريه نيتشايف، من المؤيدين للاحتجاجات التي نظّمها الغرب ضد سلطات بيلاروس. إلا أن الحزب، في الوقت نفسه، كسر بالكاد حاجز الـ 5%، ولن يكون له تأثير كبير على مسار البلاد.
على أي حال، فإن انخراط السياسيين المعارضين وجزء المجتمع الداعم لهم في أنشطة المؤسسات التشريعية القائمة سيزيد من استقرار النظام.
كما نجحت هذه الانتخابات في التأكيد على شفافية وموثوقية الآليات الانتخابية. ولم تسجّل سوى 12 محاولة للزج بأوراق اقتراع في 8 مناطق، وفي جميع الحالات تعمل مؤسسات إنفاذ القانون.
من جانبها، صرحت رئيسة لجنة الانتخابات المركزية، إيلا بامفيلوفا، بأن الموقع الإلكتروني للجنة، ونظام الانتخابات نفسه، قد واجها مستوى غير مسبوق من الهجمات الإلكترونية من خارج البلاد، لكنها فشلت مع ذلك في التدخل بإجراءات الانتخابات. وكان نصف هذه الهجمات مصدره الولايات المتحدة الأمريكية.
في الوقت نفسه، يمكن القول إن جهود ومحاولات الغرب، منذ بداية العام، لتشويه سمعة قيادة البلاد، وتقويض الاستقرار السياسي، من خلال الاحتجاجات، قد باءت بالفشل، حيث وضعت نتائج الانتخابات حداً لهذه القضية.
يبدو لي أنه قد بدا واضحاً للجميع أن العالم يدخل فترة من الاضطرابات الاقتصادية والسياسية غير المسبوقة، وفي ظل هذه الظروف، ستكون الاضطرابات الداخلية كارثية بشكل خاص على أي دولة.
لقد أظهر المجتمع الروسي في الانتخابات الأخيرة نضجاً سياسياً ملموساً، بإعلانه كلمته الفاصلة والواضحة دعماً لاستقرار النظام السياسي والسيطرة عليه، ما يمنح روسيا ميزة كبيرة في مسار الأزمة العالمية المقبلة.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف