ووصل الأمر في بريطانيا على خلفية دخان حاملة "كوزنيتسوف" إلى أن اتهموها بـ"تلويث الجو والتأثير سلبا في الوسط المحيط" في حوض المانش الذي عبرته مؤخرا لتلتقي بمجموعة سفن روسية في الأطلسي قبل دخول المتوسط.
بعض وسائل الإعلام الروسية بدورها، تلقفت أنباء دخان "كوزنيتسوف" وصارت هي الأخرى تتساءل وتتكهن حول ماهية الأمر، وسر الدخان المتصاعد من رأس حربة مجموعة السفن المتوجهة إلى المتوسط لتعزيز الحضور الروسي فيه وحماية مصالح روسيا بما فيها الاقتصادية والتجارية في المنطقة، حسب بيان لأسطول الشمال الروسي.
صحيفة "فزغلاد" الروسية، وفي تغطية "لغيمة الدخان" هذه، استطلعت آراء فريق من الخبراء علها تبدد بذلك غمامة الدخان الذي وصلت رائحته إلى أنف نائب وزير الدفاع البريطاني إندرو باركر الذي وصف "كوزنيتسوف" بـ"الخطيرة رغم أنها متهالكة وقديمة"، ضمن حملة التخويف من روسيا التي اتهمها في مداولات برلمانية مؤخرا بممارسة شتى أنواع التجسس على بلاده.
وأوردت "فزغلياد" في مقدمة استطلاعها توضيحا لكبير مستشاري وزارة الدفاع الروسية الأميرال إيفان فاسيليف، قال فيه: "الدخان فوق "كوزنيتسوف" لم ينبعث جراء عطل أو خلل فني، بل تعمد الميكانيكيون العاملون على متنها إصدار سحب الدخان من عوادمها في عرف مرعي لدى البحارة يراد القول به لأصحاب المياه المجاورة "إننا نعبر بمحاذاتكم"!
الرئيس السابق لأركان أسطول البحر الأسود الروسي بيوتر سفياتاشوف، أوضح بدوره أن تصاعد الدخان الكثيف من عوادم السفن ينجم عن عدة عوامل، أولها أداء فريق الميكانيكيين المرافق للسفينة غير المنتظم، ولا سيما بعد خضوعها للصيانة والتحديث لفترة مطولة، مشيرا إلى أن الدخان من هذا النوع سرعان ما يتبدد بعد انضباط عمل الميكانيكيين والانتهاء من ترويض المحركات والمعدات الجديدة المزودة بها السفينة.
وأضاف أن الدخان يتصاعد من محركات السفن العاملة بالديزل لدى تعديل سرعتها والمناورة، أو نتيجة خلل في توليف أجهزة ضخ الوقود إلى حجرات الاحتراق الأمر الذي يؤدي إلى الإفراط في معدل الوقود الوارد وارتفاع حجم الغازات ونواتج الاحتراق المنفوثة إلى الجو بواسطة مراوح الطرد.
أما العقيد البحري قسطنطين سيفكوف، فقد جزم بأن دخان "كوزنيتسوف" ناتج عن خلل تسبب به الفريق الفني المسؤول عن خدمة وصيانة المحركات في البحر، وأدى إلى زيادة كمية الوقود المضخوخة إلى حجرات الاحتراق، مستبعدا بالمطلق أن يكون الدخان ناجما عن عطل فني في محركات "كوزنيتسوف" السبعة.
وأكد سيفكوف أنه لا يقدم على إرسال حاملة بهذا الحجم وإلى مسافات بعيدة كهذه بمحركات متعبة سوى "الأحمق"، وأن المعنيين في الأسطول على دراية كاملة بأن تعطل المحركات يعود بعواقب وخيمة على الجميع، نظرا لصعوبة سحب سفينة بهذا الغاطس المائي الكبير إذا ما تعطلت محركاتها.
الملفت في "قضية" دخان "كوزنيتسوف"، أن وسائل الإعلام التي تروج لها وتجعل منها مادة لكل حوار أو موضوع يتعلق بغاية موسكو من وراء إرسال مجموعة سفنها إلى سوريا، أنها تركز بشكل مستمر على تلاوة تعويذة صارت دارجة بين السطور تذكّر المشاهد أو القارئ بأن "كوزنيتسوف" هي الحاملة الوحيدة في الأسطول الروسي.
كما تتساءل هذه الوسائل بين السطور كذلك، كيف لموسكو أن تجوب البحار وتخوض غمار المواجهات الجيوسياسية وغيرها مع واشنطن بحاملة واحدة فيما لدى الثانية منها عشرات، متجاهلة عشرات الغواصات الذرية والعادية الروسية المزودة بالرؤوس النووية القادرة على إدراك أي هدف في العالم من أعماق المحيطات وسطحها، ومن تحت الجليد القطبي، وأن استراتيجيا روسيا العسكرية مبنية على مبدأ الدفاع الذي لا يقتضي حيازة الحاملات لترهيب الدول.
يشار إلى أن "الأميرال كوزنيتسوف" تحمل أكثر من خمسين طائرة، و1960 عسكريا ومزودة بصواريخ مجنحة مضادة للسفن من نوع "غرانيت"، وصواريخ "كلينوك" المضادة للأهداف الجوية، وأنظمة "كاشتان" الصاروخية المدفعية، إضافة إلى منظومات دفاعية متكاملة مضادة للغواصات.
وتحمل "كوزنيتسوف" إلى شرق المتوسط حسب المصادر العسكرية الروسية، مقاتلات "ميغ-29 KR"، و"ميغ 29-KUBR"، ومقاتلات "سو-33" البحرية، إضافة إلى مروحيات "KA-52" الملقبة بـ"التمساح".
صفوان أبو حلا