النظر إلى الجبال بتشكيلاتها الهندسية التى نحتتها الطبيعة والزمن يخطف الخيال، وحب المغامرة إلى ماورائها فهى تظهر راسخات شامخات يمر عليها البشر لكن جاذبيتها تتألق من زمان إلى زمان
وسط تلك الجبال تتوزع الوديان مثل زغرة وسعال وفيران ومندر حيث تنتشر تجمعات سكنية على جانبي الطريق الذى أنشأت أحدهما إسرائيل إبان احتلالها لسيناء بعد حرب يونيو 1967.
تلك التجمعات تضم وحدات سكنية متواضعة يعمل فيها الأطفال والنساء يدا بيد فهنا تُنتج آلات يدوية يبيعها الصغار لمن تتوقف سياراتهم من الزائرين و العابرين.
أكثر من كمين أمني يراجع ويدقق أوراق الرحلة وبينما تلوح فى الأفق مدينة الذهب التى تقع قبل سانت كاترين يظهر كمين للجيش المصري من حرس الحدود يسأل بدوره ولكن بطريقة تبدو أكثر حزما.
فى الطريق أيضا إلى دير سانت كاترين وبالقرب منه يظهر قبر النبي هارون حيث يقبل على زيارته العديد من عرب إسرائيل كل عام فى المنطقة الجبلية عبر منفذ طابا
فهنا وكما يقول كثيرون نزلت الوصايا العشر على النبي موسي ما أعطى زخما روحيا للمنطقة التى كانت أرضا خصبة لفكرة الإمبراطورة هيلانة خلال القرن السادس الميادي لبناء دير للرهبان الذين فروا من حكم الرومان الذى اضطهد المسيحيين فى مصر.
انتشار أمني مكثف وإجراءات للتحقق من هوية الزائرين الذىن تتوقف عرباتهم خارج بوابة الدير.
الدخول إلى مبنى الدير يمر عبر أبواب صغيرة تغلقها أبواب خشبية مغلفة بالحديد مر عليها مئات السنين.
أيقونة متألقة للسيد المسيح على مدخل كنيسة التجلي تمثل رمزا للترحيب بالمؤمنين الذين جاؤوا للزيارة من مختلف الأديان والجنسيات فهنا منتقبة وأخرى محجبة وأسرهم المسلمة بينما تضع السائحات غطاء على الرأس بالإضافة إلى ارتداء ملابس يمكن أن توصف بالمحتشمة وإن كانت فى حدها الأدنى.
فى كنيسة التجلي ثلاث أيقونات تعلو الكاهن الذى يمنح البركة للزائرين واحدة للعذراء و أيقونتان تمثلان المسيح فى وضعين مختلفين تتباين فيهما ملامحه الطيبة ومعاناته مع مناوئيه قبل الخلاص.
بُنيت كنيسة التجلى فى القرن السادس الميلادى وهى تضم الكثير من الأيقونات والزخارف التى لا تقدر بثمن مع رائحة البخور التى تملأ جنبات المكان.
دير سانت كاترين يقع في أحضان الجبل وتعلوه سماء صافية خلال شهر أيلول وقطع من الرباب وهو السحاب الأبيض لتتألق أجراس الكنيسة و الجبال والسحب لتمنح العين فسيفساء خلقتها الطبيعة لتسر الناظرين و الزائرين.
مكتبة الدير وكما يقال تعد الثانية فى العالم من حيث القيمة التاريخية للأناجيل الموجودة بها والمخطوطات، ففيها صليب من البرونز المصبوب مكتوب عليه آيات من سفر الخروج ومشاهد تُلتقط من التوراة للنبي موسي وهو يتسلم لوح الشريعة.
أيضا هنا أيقونة تعكس جمال ورقة الإمبراطورة هيلانه التى تعد حصنا من حصون المسيحية عبر التاريخ بالإضافة إلى زي كهنوتى يظهر متألقا على الرغم من تصميمه فى العام 1731 م.
فى الدير تكون المفاجأة حيث يمكن الزائر الذى يملك حظا أن يري ما لا يمكن أن يدور فى خلده حيث يطلع على غرفة الجماجم البشرية وهى مكتظة بها فى مشهد يبرز أن الإنسان يقع ما بين بداية و نهاية لا محالة منها.
الوصاية على الدير كانت لفترات طويلة للكنيسة الأرثوذكسية الروسية إبان حكم القياصرة ورهبان وكهنة الدير من اليونانيين وليسوا عربًا أو مصريين شأنهم شأن أساقفة كنيسة الروم الأرثوذكس في القدس التي يسيطر عليها اليونانيون منذ عهود طويلة.
سانت كارتين: أحمد الأشقر