في مثل هذا اليوم تحولت الاحتجاجات على رفض الرئيس الأوكراني فكيتور يانوكوفيتش توقيع اتفاقية الشراكة الانتسابية مع الاتحاد الأوروبي إلى أعمال عنف قادتها مجموعات قومية متطرفة وأسفرت انقلابا على الرئيس الأوكراني وحربا أهلية في مناطق جنوبي شرقي أوكرانيا مازالت رحاها دائرة حتى اليوم.
الاحتجاجات في ساحة الاستقلال بكييف كانت بدأت في 21 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي (قبيل قمة الشراكة الشرقية التي كان من المقرر أن تشهد توقيع كييف على اتفاقية بهذا الشأن مع أوروبا)، إلا أن ليلة 30 من ذاك الشهر باتت عمليا بداية ثورة الميدان حيث حدثت الاشتباكات الأولى بين المحتجين والشرطة، وسالت الدماء الأولى.
في تلك الليلة، ظهرت نظرية مفادها أن رجال شرطة "بيركوت" الخاصة هم من بادروا بمقمع المحتجين العزل وتفريقهم بهراوات وقنابل مسيلة للدموع.. بالمقابل ثمة فرضية أخرى تظهر أن الشرطة كانت ضحية استفزازات اضطرتها للدفاع عن النفس، إذ تظهر تسجيلات فيديو، كيف رد المتجمهرون بالحجارة والمفرقعات وقنابل المولوتوف على رجال الشرطة الذين طالبوا الحشد بلباقة بإخلاء وسط كييف لنصب شجرة الميلاد حينها، وقد أكدت قيادة الشرطة آنذاك أنها لم تعط أوامر باستخدام القوة.
ويوما بعد يوم تزداد القناعة لدى كثيرين بأن تأجيج الاحتجاجات السلمية كان مخططا، إذ أعلن الطلبة تلك الليلة أنهم سيتفرقون بأنفسهم، وهو ما أثار حفيظة جماعات متطرفة ومن خلفها ساسة المعارضة التي أبت إلا أن تصب الزيت على النار.
وهذا ما تجسد في اليوم التالي حين بدأ المحتجون باقتحام مبنى إدارة الرئيس، وتطورت الاشتباكات إلى استخدام السلاح في قنص عناصر الشرطة "بيركوت".
وانتقلت الاحتجاجات تدريجيا خارج العاصمة الأوكرانية ما أدى نهاية فبراير/شباط الماضي إلى عزل الرئيس فيكتور يانوكوفيتش وصعود الأحزاب والقوى الموالية للغرب إلى السلطة.
وأدى ذلك بدوره إلى اندلاع احتجاجات في جنوب شرق أوكرانيا للسكان الناطقين بالروسية الذين رفضوا الاعتراف بالسلطات الجديدة في كييف وسياساتها بشأن اللغة الروسية والتكامل مع الغرب، مطالبين بالحفاظ على التعاون مع روسيا وإقامة نظام فيدرالي في البلاد.
وشهد جنوب شرق أوكرانيا فيما بعد إجراء استفتاء عام في شبه جزيرة القرم وانضمامها إلى روسيا، وإعلان استقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين من جانب واحد، ونشوب حرب حقيقية في منطقة دونباس أودت بحياة أكثر من 4 آلاف شخص.
علاوة على ذلك، أثارت "الأزمة الأوكرانية" خلال العام الماضي توترا حقيقيا في العلاقات بين روسيا ودول الغرب، ناهيك عن كارثة إنسانية أدت إلى نزوح مئات الآلاف من سكان شرق أوكرانيا من مناطق القتال إلى مقاطعات أوكرانية أخرى وإلى روسيا وغيرها من الدول.
ومع ذلك، يؤمن من جاء الليلة الماضية الى ساحة الاستقلال بإحياء ذكرى "قطرة الدم الأولى" بمستقبل مشرق لأوكرانيا مع أن الضباب يلف حاضرها.
المصدر: RT + "فيستي"