أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن قلقه البالغ إزاء تكثيف العملية العسكرية التي تجريها كييف شرق البلاد ضد المحتجين المطالبين بالفيدرالية.
وأكد لافروف خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التركي أحمد داود أوغلو الثلاثاء 27 مايو/أيار أن موسكو تحترم إرادة الشعب الأوكراني التي أعرب عنها خلال الانتخابات الرئاسية الأحد الماضي، لكنه شدد على ضرورة إيقاف كل أعمال العنف فورا.
واعتبر لافروف أن إيقاف إراقة الدماء في شرق البلاد والتخلي عن استخدام الجيش ضد السكان هو "المهمة رقم 1 بالنسبة لسلطات كييف واختبار لمتانتها".
وقال الوزير الروسي: "الانتخابات جرت ونحن نحترم إرادة الشعب في أوكرانيا، لكننا نرى ضرورة ملحة لتنفيذ ما تم الاتفاق عيه في جنيف وهو وقف إية أعمال عنف".
وأردف قائلا: "نحن قلقون للغاية ليس من إجراء الانتخابات على خلفية استمرار العمليات القتالية فحسب، بل وأيضا من إعطاء الأوامر بتكثيف ما يطلق عليه "عملية مكافحة الإرهاب" فور انتهاء الانتخابات".
وذكر لافروف أن الفائز في الانتخابات الرئاسية بيوتر بوروشينكو تعهد في تصريحاته الأخيرة بتوحيد البلاد وبأن يقوم بأول زيارة له بعد مراسم التنصيب إلى منطقة دونباس، كما أنه دعا إلى إنهاء العملية العسكرية في شرق البلاد بشكل عاجل، ولكن عبر تكثيف هذه العملية.
وشدد لافروف على أنه إذا كان بوروشينكو يراهن على قيام المتطرفين الموالين لكييف والجيش بقمع الاحتجاجات شرق البلاد قبل مراسم التنصيب، فإن ذلك لن يوفر الظروف الملائمة لزيارته إلى المنطقة.
كما شدد لافروف على ضرورة إجراء إصلاح دستوري في أوكرانيا يعكس التطلعات الشرعية والمصالح لجميع الفرق السياسية والإثنية والطائفية في البلاد.
كما دعا لافروف كييف الى تطبيق خريطة الطريق التي اقترحتها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لتسوية الأزمة، معيدا الى الأذهان أن هذه الوثيقة تنص أيضا على العفو عن المشاركين في الاحتجاجات الشعبية والتعامل مع تلك الاحتجاجات بشكل سلمي.
وأعاد الوزير إلى الأذهان أن القانون الوحيد بشأن العفو الذي أقره البرلمان الأوكراني مؤخرا، يشمل فقط مرتكبي الجرائم الجنائية بشرط انضمامهم إلى صفوف الجيش والحرس الوطني الذين يحاربون أنصار الفيدرالية في شرق البلاد. ودعا لافروف لجنة البندقية والهيئات الحقوقية الدولية الأخرى إلى تقديم تقييم قانوني لهذا التشريع.
لافروف: موسكو مستعدة لشراكة جدية مع بوروشينكو بشرط أن يعمل لصالح الشعب الأوكراني بأكمله
أكد وزير الخارجية الروسي أن موسكو ستكون شريكا أمينا وجديا لـ بوروشينكو في حال تمكن من بدء حوار حقيقي شامل داخل البلاد. وأعاد إلى الأذهان أن المراقبين الدوليين الذين أشرفوا على سير الانتخابات دعوا بوروشينكو أيضا الى بدء الحوار والتخلي عن استخدام الألفاظ على غرار "الإرهابيين" و"الانفصاليين" تجاه المحتجين في جنوب شرق البلاد.
وأردف قائلا: "نأمل في أن يعمل (بوروشينكو) لصالح الشعب الأوكراني بأكمله. وفي هذا الحال سنكون شريكا جديا وأمينا له".
موسكو تنتظر من كييف اتخاذ خطوات عملية للتحقيق في مأساة أوديسا
وتابع لافروف أن موسكو تنتظر من كييف اتخاذ خطوات عملية لتنفيذ تعهداتها بشأن إجراء تحقيق دولي في الجرائم المرتكبة في البلاد، بما فيها مأساة أوديسا، حيث قتل العشرات من أنصار الفيدرالية، ومقتل متظاهرين في ميدان الاستقلال في كييف على أيدي قناصة في فبراير/شباط الماضي.
وذكر الوزير أن بوروشينكو قال في مقابلة أدلى بها أمس، إنه مهتم بإجراء تحقيق دولي في أحداث أوديسا يوم 2 مايو/أيار، عندما لقي نحو 50 شخصا مصرعهم بعد هجوم موالين لكييف على مخيم الاحتجاج التابع لأنصار الفيدرالية وفي الحريق الذي نشب في مبنى النقابات المجاور.
وتابع أن بوروشينكو تحدث عن إمكانية دعوة خبراء من روسيا وألمانيا للمشاركة في التحقيق. وأعاد الوزير إلى الأذهان تعهدات مماثلة أعطتها كييف سابقا، عندما وعدت بدعوة خبراء من إسرائيل لدعم التحقيق في قضية القناصة في كييف.
لافروف: محاولات الغرب للضغط على روسيا مثيرة للسخرية
كما اعتبر لافروف أن محاولات الدول الغربية للضغط على روسيا فيما يخص الأزمة الأوكرانية مثيرة للسخرية.
وتحدث الوزير عن محاولات الغرب إيجاد ذريعة لفرض مزيد من العقوبات على روسيا ، وذلك على الرغم من أن موسكو أكدت مرارا أنها لا تنوي التدخل عسكريا في جنوب شرق أوكرانيا أو إحباط الانتخابات الرئاسية بل تهتم بتسوية الأزمة.
واعتبر أن العقوبات ضد روسيا مرتبطة ليس بالأزمة الأوكرانية فقط، مشيرا إلى أن الغرب حتى قبل نشوب الأزمة الأوكرانية كان يحاول تحميل روسيا مسؤولية أزمات مختلفة بما فيها الوضع حول سورية وإيران.
وشدد على أن محاولات الضغط على روسيا لم تأت أبدا بأية نتيجة.
وذكر لافروف أن السياسة الغربية هذه تجاه روسيا تعكس في حقيقة الوضع عمليات جذرية تجري في الدول الغربية نفسها.
تركيا مستعدة لدعم عملية تطبيع الوضع في أوكرانيا وفي المنطقة
بدوره أكد داوود أوغلو أن بلاده مستعدة لدعم عملية تطبيع الوضع في أوكرانيا وفي المنطقة بأكملها، مشيرا إلى أن تركيا جارة لأوكرانيا وروسيا على حد سواء.
وحذر داوود أوغلو من خطر اعتماد مبادئ "الحرب الباردة" في الظروف الراهنة، معتبرا أن ذلك لن يؤدي إلا إلى مزيد من المواجهة.
وذكر وزير الخارجية التركي أنه بحث مع نظيره الروسي أوضاع شعب تتار القرم بعد انضمام القرم الى روسيا. وتابع أن أنقرة حريصة على أن تعيش جميع شعوب القرم في ازدهار ووفاق، داعيا الى تسوية جميع القضايا العالقة بالوسائل السياسية فقط وفي إطار الأحكام والقواعد الدولية.
بدوره أكد لافروف أن روسيا تعمل على ضمان حقوق جميع المواطنين في القرم، معيدا الى الأذهان أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقّع على مرسوم خاص بردّ الاعتبار لشعب تتار القرم، كما تم وضع خطة لاتخاذ إجراءات محددة لتجاوز كافة آثار عمليات التهجير التي تعرّض لها التتار من قبل نظام ستالين ولحل مشاكلهم المعيشية.
المصدر: RT + وكالات