الإفراج عن رجل الأعمال الروسي ميخائيل خودوركوفسكي يطوي صفحة في القضية القضائية المعروفة باسم "يوكوس" - الشركة النفطية الضخمة التي كانت مملوكةً من قبل خودوركوفسكي، ويفتح بالمقابل صفحة جديدة لدى الأوساط الاستثمارية الدولية فيما يتعلق بالمناخ الاستثماري في روسيا.
ميخائيل خودوركوفسكي رجلُ الأعمال وصاحبُ المليارات المثير للجدل يخرجُ من السجن بموجبِ مرسومِ عفو وقعه الرئيسُ فلاديمير بوتين استجابةً لطلبِ الروسي للإفراجِ عنه.
وكان خودوركوفسكي قبيل سجنه أحدَ أبرز رجال الأعمال في روسيا ممن جمعوا ثرواتِهم إبان تفككِ الاتحادِ السوفييتي.. فأواخرُ ثمانينيات القرن الماضي كان خودوركوفسكي أحدَ الكوادر القيادية في الكومسمول منظمة الشباب الشيوعي، وقد ركبَ موجةَ الخصخصة وتكوين الثروات خلالَ التسعينيات ليبني امبراطوريةً مصرفية ضخمة ما لبثت أن تمددَت إلى القطاعِ النفطي باستحواذِهِ على "يوكوس" ثاني أكبرِ شركةٍ نفطية روسية آنذاك وأكبرِها من حيث الاحتياطياتُ بسعرٍ بخس لم يتجاوز بضعَ مئات ملايين الدولارات.
في عامِ ألفين واثنين أي قبلَ سنة واحدة من اعتقالِه صنفَت مجلةُ الأعمال الأمريكية فوربس خودوركوفسكي الغنيَ رقم مئة وواحد على صعيدِ العالم بثروةٍ قُدرَت آنذاك بثلاثةِ مليارات وسبعِمئمة مليون دولار.. ثروةٌ لم تبن بحنكةِ رجلِ الأعمال وحدها كما تبين لاحقاً فقد اعتقلَ خودوركوفسكي عامَ ألفين وثلاثة بتهمِ الاحتيال والتهربِ الضريبي وحُكم عليه عامَ ألفين وخمسة بالسجنِ لـتسعةِ أعوام خفضت بعدئذ إلى ثمانية.
وفي ألفين وعشرة أدين بتهمِ سرقة أحجام ضخمة من النفط وبيعِها لقاء أموال جرَت شرعنتُها قانونياً وكذلك سرقة أسهمِ شركات نفطية، ليحكمَ بـأربعةَ عشرَ عاماً من السجن بما فيها فترةُ الحكم الأولى، خُفضَت بعدئذ إلى ثلاثةَ عشرَ ومن ثم إلى أحدَ عشرَ عاماً.
وبالنتيجة قضى خودوركوفسكي في السجن أكثرَ من عشرة أعوام أما التُهم التي أُدين بموجبها فتتعلقُ بمبالغَ هائلةٍ، ففي إطارِ القضيةِ الثانية فقط قُدرت قيمةُ النفط المسروق وثمنه الذي جرى تبييضُه بأكثرَ من خمسة وعشرين مليار دولار.
طريقةُ خودوركوفسكي هذه في إدارةِ أعماله انعكسَت على شركتِه "يوكوس" التي وُجهَت لها اتهاماتٌ بالتهربِ الضريبي بعشراتِ مليارات الدولارات ما أفضى إلى إفلاسِ الشركة وبيعِ أصولها في مزاداتٍ علنية اشترتها شركاتٌ روسية وأجنبية مختلفة أبرزُها "روس نفط".
خلالَ فترة سجنه حاولَ خودوركوفسكي البقاءَ في دائرةِ الأضواء فقد اعتبرَته المعارضةُ الليبيرالية في روسيا أحدَ رموزها، مروجةً أن السياسةَ كانت وراء سجنه لا الجرمُ الاقتصادي.
ولكنَّ المحكمةَ الأوروبية لحقوقِ الإنسان لم تجد عامَ ألفين وخمسة في إدانةِ خودوركوفسكي ما يعود إلى أسباب سياسية.
ومع ذلك، فقد وظفَ سجنُ خودوركوفسكي في الأوساطِ السياسية والاستثمارية الغربية للتهويلِ من مخاطرِ الاستثمارِ في روسيا.. وبإطلاقِهِ تسقطُ هذه الحجة.
وبالتالي فإن الإفراجَ عن خودوركوفسكي يطوي مرحلةً كان الرجلُ فيها شماعةً تحت الطلب للمشككين في الاستثمارِ في روسيا.. ويمثلُ إشارةً لانفتاحِ روسيا على أنشطةِ الأعمال.
المصدر: RT