الشيخ معاذ الخطيب في ميونيخ، هناك على هامش المؤتمر الأمني يجب أن يلتقي لافروف وبايدن مع الابراهيمي. وخلال ندوة تناولت الوضع في سورية جدد الخطيب موقفه الداعي الى الحوار مع نظام الاسد، وقال: "نحن مستعدون للاجتماع مع هذا النظام حول طاولة مفاوضات"، و"علينا ان نستخدم كل الوسائل السلمية". وكان قد اقترح لقاء ممثلي النظام في القاهرة أو غيرها. المفاوضات يجب ألا تجري في سورية، للمفاوضات أجواؤها وأصوات الرصاص والتفجيرات تخرجها عن ايقاعها، لماذا لاتتم في ميونيخ؟ أليست أفضل حتى من القاهرة والدوحة؟ فيها يستطيع المفاوضون الانسياب على ايقاعات الموسيقا الكلاسيكية، ويعلن رنين الكؤوس توافق المتحاورين دون أن تطيح بها الشظايا. الخطيب مضطر طبعا لتبرير التحول المفاجئ في موقفه فانتقد بشدة وقوف المجتمع الدولي مكتوف اليدين. ان "النظام مدعوم من صمت المجتمع الدولي (...) واذا ما استمر هذا الامر فستكون عواقبه وخيمة على المنطقة".
تبدل يبعث على التفاؤل وإن كان حتى الآن تبدلا لغويا، ومكان اقتباس عبارات من الدعاية السياسية لبعض دول الخليج ومن السيد فورد سفير الولايات المتحدة في دمشق، يقتبس اليوم من تصريحات الابراهيمي الذي حذر من إفرازات الحرب الأهلية في سورية إقليمياً.
وقال عضو قيادي في الائتلاف الذي يترأسه الخطيب: "الائتلاف تبنى موقفا يتسم بالغموض البناء بشأن بداية التحول السياسي قبل أو بعد تنحي الأسد مما أدى الى تحريك الأمور". "الغموض البناء" عبارة جميلة جعلت الدول الخمس "تدور حول دور الرئيس السوري بشار الأسد" في العملية الانتقالية في جنيف في حزيران (يونيو) الماضي، قال الابراهيمي لـ"الحياة": "يجب أن يأتي وقت وينتهي هذا الغموض. المفروض أن تمارس الحكومة التي ستتشكل الصلاحيات الكاملة بكل معنى الكلمة". ولايرى الابراهيمي صعوبة في تشكيلها (بمشاركة) من الطرفين وبشخصيات معروفة ومقبولة من الحكومة ومن المعارضة.
كل الطرق تعيدنا إلى جنيف، وموسكو تعلن ضرورة عقد اجتماع "مجموعة العمل حول سورية جنيف ـ 2"، لحل الأزمة القائمة في البلاد. والابراهيمي يكرر أن المجال الوحيد للتعامل مع الأزمة السورية هو مجلس الأمن، وطبعا على أساس جنيف. لكن لايروق لكثيرين أن تجري الريح بما لاتشتهي سفنهم، فيحاولون عرقلة عربة السلام بوضع العصي في العجلات. من هؤلاء السيد فورد سفير واشنطن في دمشق الذي لم يزر الشام منذ أكثر من سنة، لكنه أطلق تصريحات مميزة، وقال في حديث لـ"الحياة" إن "الرئيس بشار الأسد ونظامه يفقدان السيطرة تدريجياً على الأرض"، مشيرا إلى أن "هذا النظام سيسقط عاجلا أم آجلا، وأعتقد أن الحل العسكري سيحسم الوضع بالنهاية لصالح المعارضة، وذلك بأن يسيطر الجيش الحر على دمشق وباقي المدن، ولكن ذلك سيستغرق بعض الوقت، وبثمن باهظ". وفي خطوة مماثلة أصدرت الهيئة السياسية للائتلاف السوري بيانا بعد اجتماع القاهرة أكدت فيه على "تمسك الائتلاف والتزامه بوثيقته التأسيسية التي تنص صراحة على أن أي مفاوضات أو حوار لن يكون إلا على رحيل النظام بكافة مرتكزاته وأركانه".
لايمكن المحافظة طويلا على الغموض البناء، لكن العملية السلمية اليوم ممكنة أكثر من أي وقت مضى، فيجب المضي قدما على طريق جنيف، مهما كانت العراقيل التي يضعها أناس يخشون "الخروج من المولد بلا حمّص".
رائد كشكية
المواضيع المنشورة في منتدى "روسيا اليوم" لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر إدارتي موقع وقناة "روسيا اليوم".