تبعد مدينة سمولينسك الروسية العريقة مسافة ما يقارب 400 كيلومتر من العاصمة الروسية موسكو، وتقع على ضفاف نهر الدنيبر، بين سبع هضاب على الحدود مع جمهورية بيلاروس. وتروي تماثيلها ونصـبها تاريخها، كذلك اسوارها وقلاعها الشهيرة، والتي لا مثيل لها بين المنشآت الدفاعية في روسيا.
نبذة تاريخية
ذكرت مدينة سمولينسك لأول مرة في المخطوطات التاريخية العائدة لعام 862 وتعتبر واحدة من أولى المدن الروسية العائدة للعصور الوسطى، والتي حافظت على موروثها التراثي التاريخي العريق.
ضم الأمير أوليغ المدينة إلى إمارة روس كييف أو كيفسكايا روس عام 882، ومع أنه وضعها تحت إمرة ابنه ايغور، فإنها كانت تدار من كييف مباشرة.
وفي عام 1450 تأسست امارة سمولينسك وتطورت سريعا نظرا لموقعها الجغرافي الواقع في وسط الاراضي الروسية وأصبحت هذه الحقبة فترةَ ازدهار المدينة حيث بلغت مساحتها 115 هكتارا، وكان يسكنها اكثر من 40 الفَ شخص، ونمت وتطورت التجارة فيها.
وفي أقدم بقعة في المدينة تقع كاتدرائية رقاد السيدة العذراء، التي بنيت بين عامي 1677 و1740، حين كانت امارة سمولينسك إحدى اقوى مدن شرق اوروبا. وفي ذلك العهد بني العديد من الكنائس، بما فيها كنيسة القديسين بطرس وبولص، وكنيسة القديس يوحنا المعمدان. وكاتدرائية تجلي المسيح، وغيرُها من الكنائس القديمة التي تمثل فنا معماريا متميزا.
في نهاية القرن الـ12 اضحت امارة سمولينسك تتحكم بعرش كييف، ثم تحولت المدينة تدريجيا إلى رهينة في الصراع بين ليتوانيا ودوقية موسكو.
استولت ليتوانيا على المدينة ثلاث مرات في عهد يوري سمولسكي والمعروف بالعاهل الاخير. وفي عام 1404 اصبحت ضمن امارة ليتوانيا لتعود الى الدولة الروسية عام 1514 وتبقى لفترة طويلة واحدة من اهم القلاع الروسية على الحدود الغربية للدولة.
لم تقف سمولينسك شاهدة على بدايات قيام الدولة الروسية فحسب بل ساهمت في حياتها العسكرية، إذ دارت في ضواحي المدينة معارك ضارية عام 1812 بين قوات نابليون والقوات الروسية بقيادة الماريشال ميخائيل كوتوزوف التي تمكنت من اجبار فلول قوات نابليون على التقهقر نحو طريق سمولينسك القديم ما سمح بتشتيتها وتحطيمها. وكانت هذه المعركة إيذانا بهزيمة نابليون في روسيا ونهايته في أوروبا.
سمولينسك ابان الحرب الوطنية العظمى
ومرة أخرى كان لسمولينسك موعد مع معارك كبرى خلال الحرب الوطنية العظمى عندما هاجمت جحافل النازية الاتحاد السوفيتي، حيث شهدت المدينة حربا طاحنة عندما استولى الالمان على المدينة في يوليو عام 1941. وعلى الرغم من فشل الهجوم الروسي المضاد الاول، اوقفت الانتصاراتِ السوفيتيةَ المحدودة خارج المدينة تقدم النازيين لما يقرب من شهرين، ومنحت الفرصة لاعداد الدفاعات الخاصة بموسكو. وقد تحررت المدينة في سبتمبر/أيلول عام 1943 ، ومنحت عام 1985 لقب المدينة البطلة.
سمولينسك المعاصرة
تعتبر مدينة سمولينسك اليوم احد المراكز الصناعية المتطورة في روسيا، وتشتهر بحياتها الثقافية الفنية إذ عاش فيها العديد من الفنانين الروس كالموسيقار ميخائيل غلينكا، الذي تقام على شرفه سنويا احتفالات مكرسة لميلاد الملحن الروسي يحضرها عدد كبير من الموسيقيين والملحنين والمغنين ومحبي الموسيقى.
تجذب مدينة بمبانيها وطبيعتها الخلابة السياح من كل أنحاء العالم مذكرة بأن روسيا ثرية بتاريخها عصية على أعدائها.
المصدر: " RT "