وذكرت الصحيفة في تقرير تحليلي نشرته أمس أن سبب تحفظ تل أبيب في تعاملها مع تطورات الأحداث في قطاع غزة وسعيها إلى إبرام اتفاق تهدئة مع "حماس" يعود على ما يبدو إلى مخاوفها بشأن الوضع عند حدودها الشمالية.
وأشارت الصحيفة إلى أن المشكلة الأساسية التي تواجهها إسرائيل في الشمال تكمن في تضييق مساحة الخيارات العملياتية المتاحة لديها، بعد سنوات من استغلال تل أبيب للربيع العربي كي توسّع أنشطتها الهجومية السرية غالبا في دول الجوار.
وذكرت الصحيفة أن الجيش والاستخبارات الإسرائيليين نفذا مئات الغارات والعمليات الخاصة لمنع طهران من إمداد "حزب الله" بالأسلحة في سورية ولبنان، والتصدي لتموضع إيران في سورية.
لكن قواعد اللعبة تغيرت بشكل ملحوظ مع استعادة حكومة الرئيس السوري بشار الأسد نفوذها في البلاد وتشديد موسكو مواقفها إزاء إسرائيل، لا سيما بعد مقتل 15 من عسكرييها جراء إسقاط الدفاعات الجوية السورية عن طريق الخطأ طائرة "إيل-20" الروسية أثناء غارات إسرائيلية على محافظة اللاذقية 17 سبتمبر الماضي.
وأشارت الصحيفة إلى ورود أنباء عن غارتين على الأقل نفذتهما إسرائيل على سورية بعد حادثة "إيل-20"، لكن من الواضح أن مواقف موسكو إزاء العمليات الإسرائيلية في الخارج ازدادت صرامة.
واعتبرت الصحيفة أن الخلافات بين موسكو وتل أبيب لم تتم تسويتها بعد، على الرغم من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عقد في باريس الأسبوع الجاري اجتماعا مقتضبا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد جهود ملموسة من قبل تل أبيب، إلا أن بوتين أكد عقب اللقاء أنه من غير المرجح أن يلتقي رئيس الحكومة الإسرائيلية مرة أخرى في المستقبل المنظور.
وخلص التقرير إلى أن روسيا أوضحت لإسرائيل بطرق مختلفة أن الوضع القائم السابق قد انتهى، لأن عمليات تل أبيب في سورية تضر بمشروع موسكو الأساسي في المنطقة، أي استعادة الحكومة السورية سيطرتها على معظم أراضي البلاد لضمان مصالح روسيا الاقتصادية والأمنية في سورية.
وأكدت الصحيفة أن الجانب الروسي بدأ يستخدم اللهجة الأكثر صرامة في اتصالاته مع العسكريين الإسرائيليين عبر الخط الساخن الخاص بمنع وقوع الحوادث في سورية، فضلا عن تشديد إجراءات الطيران الروسي في سماء البلاد وتسليم موسكو منظومات الدفاع الجوي "إس-300" إلى الجيش السوري.
وأشارت الصحيفة إلى أن تغيير المواقف الروسية تقلص الخيارات العسكرية لدى إسرائيل في لبنان أيضا، وخاصة أن الرئيس بوتين يولي في الآونة الأخيرة اهتماما متزايدا إزاء الوضع في هذه البلاد.
المصدر: هآرتس