جوناثان فيليبس الأستاذ في جامعة ييل يلفت في كتاب "حياة وأسطورة السلطان صلاح الدين"، إلى أن الغرب من النادر أن يعتبر الشخصيات المسلمة البارزة أبطالا، إلا أن صلاح الدين الأيوبي كان استثناء.
الأكاديمي البريطاني يذكر أن يوسف بن أيوب المعروف باسم صلاح الدين، "ولد في مدينة تكريت، على ضفاف نهر دجلة. وأنه سعى إلى إقامة إمارة شاسعة، وصلت حدودها وقت وفاته في عام 1193 إلى مناطق من تونس الحديثة إلى اليمن وتركيا وإيران. تمكن من الإطاحة بالممالك القوية في المنطقة ووضع حد للحكم الذي دام 88 عاما للصليبيين الذين سيطروا على القدس، ما أجبرهم على اتخاذ مواقع دفاعية في مدن متفرقة على ساحل البحر المتوسط".
الأستاذ الجامعي البريطاني يشير إلى أن نهجا غريبا إلى حد ما سيطر على الثقافة الغربية في تصوير شخصية صلاح الدين وتقديمه كرجل يزدريه الرهبان المحاربون، ويصفونه بكلمات قبيحة بما في ذلك ابن الشيطان.
إنجلترا مضت في القرون الوسطى أبعد في هذا الطريق حتى أنها فرضت ضريبة باسمه، على أمل إثارة مشاعر الكراهية بين السكان تجاهه.
الكاتب يرى أن هذه المحاولات لتشويه شخصية صلاح الدين "كانت محكومة بالفشل" منذ البداية، ولم تثر سوى الإعجاب بين السكان المحليين، وذلك لأن جميع الإشارات عن صلاح الدين في قصص الصليبيين تقدمه على أنه رجل امتدت رحمته وكرمه للضيف المسيحيين والمسلمين.
على هذا النهج، بعد عقود من وفاة صلاح الدين الأيوبي، "قام مؤلفا عصر النهضة الإيطاليان، جيوفاني بوكاتشيو وفرانشيسكو بترارك، بتمجيد صلاح الدين، كما ورد ذكره في العديد من الأعمال الأدبية، بدءا من ملحمة (الكوميديا الإلهية) لدانتي، وبالتحديد في الجزء الأول بعنوان (الجحيم)، إلى روايات العصر الفيكتوري، حيث ظهر صلاح الدين بطلا. وفي القرن العشرين في بريطانيا، سميت سفينة حربية وبعض أنواع المركبات المدرعة باسمه".
يقتبس جوناثان فيليبس في هذا الكتاب تعليقا يقول: "من المستحيل العثور على شخصية تاريخية أخرى تسببت في مثل هذا الضرر الجسيم للأمة وإيمانها، وبعد ذلك يتم الشعور بمثل هذا الإعجاب بها".
صاحب هذا الكتاب يرصد مواقف لصلاح الدين تستحق الثناء، مشيرا على سبيل المثال إلى أنه على عكس الصليبيين الذين شرعوا في قتل سكان القدس فور الاستيلاء عليها، سمح لهم بالرحيل من دون عقاب حين عاد إلى المدينة.
جرت الإشارة أيضا في هذا السياق إلى أنه على الرغم من "أن الصليبيين دنسوا المسجد الأقصى، الذي يعتبر ثالث أقدس موقع للإسلام بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد النبوي في المدينة المنورة؛ وجعله اسطبلا لخيولهم، إلا أن صلاح الدين الأيوبي كان يحرس الأضرحة المسيحية، بما في ذلك كنيسة القيامة... وقد دفع ذات مرة فدية لامرأة مسيحية لتحريرها من الأسر. كما تخلى عن ثروته وأعاد توزيعها بسخاء".
الباحثون الأوروبيون في المجمل يصفون صلاح الدين بأنه كان قائدا عسكريا موهوبا، وأنه تميز بالدهاء والمكر، وأنه حقق انتصاراته الكبيرة ليس بالغلبة العددية بل بالمهارة وبالاستعانة بالدهاء العسكري، علاوة على مبادراته الإنسانية النادرة التي لم يكن يوجد لها نظير في الطرف الآخر.
المصدر:RT