وبحسب الموقع الرسمي لوزارة الدفاع النيجيرية، تم توقيع مذكرة التفاهم في مقر وزارة الدفاع النيجيرية بالعاصمة أبوجا. وقّع المذكرة الأمين الدائم لوزارة الدفاع النيجيرية، إبراهيم أبو بكر كانا، ومساعد وزير الدفاع المصري، اللواء وليد حمودة.
لم تكن هذه مذكرة التعاون العسكري الأولى التي توقّعها مصر مع دولة من دول القارة الإفريقية خلال الفترة الأخيرة؛ إذ وقّعت مصر والصومال في منتصف شهر أغسطس الجاري بروتوكول تعاون عسكري بين البلدين، خلال استقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لنظيره الصومالي حسن شيخ محمود، وتوافق الرئيسان على تكثيف التشاور والتنسيق خلال الفترة المقبلة لمواصلة العمل على إرساء الأمن والاستقرار في منطقة القرن الإفريقي.
وفي تحرك سريع لتنفيذ التعاون العسكري المصري الصومالي، أعلن سفير الصومال لدى القاهرة، علي عبدي أواري، عن وصول المعدات والقوات المصرية إلى مقديشو، مثمنًا تلك الخطوة التي اعتبرها مهمة للتعاون الدفاعي بين البلدين، وأولى الخطوات العملية لتنفيذ مخرجات القمة المصرية الصومالية التي عُقدت في القاهرة، وما شهدته من توقيع اتفاق دفاعي مشترك بين مصر والصومال.
تحركات مصر وزيادة تعاونها العسكري مع دول القارة الإفريقية أثارت العديد من التساؤلات حول سر هذا التوسع مع دول إفريقيا، وما إذا كانت مصر قد تحركت من قبل لزيادة تعاونها العسكري مع دول القارة.
قالت الخبيرة في الشؤون الإفريقية أماني الطويل في تصريحات لـ RT: إن اتجاه مصر للتعاون العسكري نحو إفريقيا ليس بجديد؛ إذ كان هناك مشروع تعاون عسكري كبير في عام 2015، حين بلورت مصر فكرة تحالف إفريقي لمحاربة الإرهاب، وبالفعل عُقد اجتماع في شرم الشيخ في شهر مارس من نفس العام، حضره 26 وزير دفاع إفريقي، وكان على هامش تجمع دول الساحل والصحراء، وهو ما يؤكد أن هذه المحاولة ليست بجديدة، لكن فرنسا دخلت وقتها وقطعت الطريق على مصر بتحالف G5، وهو تحالف بين فرنسا و5 دول إفريقية، لكن هذه المحاولة فشلت الآن واستفحلت الظاهرة الإرهابية.
وأوضحت أن نتيجة لتزايد التهديدات الإرهابية تواجه مصر تصاعد التهديدات الأمنية من جبهتين: الجبهة الشرقية والجبهة الغربية، بالإضافة للتهديدات الشمالية والجنوبية، ولكن ظلت مناطق البحر الأحمر والقرن الإفريقي وغرب إفريقيا مصادر التهديدات الإرهابية، وهو ما يوضح أهمية الاستراتيجية المصرية في التعاون العسكري مع الدول الإفريقية للحد من تلك التهديدات الأمنية، خاصة أن تجربة التعاون المصري مع بوركينا فاسو لدعم القدرات ومكافحة الإرهاب أثبتت نجاحها.
وأشارت إلى أنه منذ مطلع القرن الجاري وبسبب السياسات الأمريكية تم تحجيم دور مصر في الصومال بضغط دولي، لكن مع وجود متغيرات إقليمية كان من الضروري حدوث تعاون عسكري مع الصومال بسبب الأوضاع في السودان، والأوضاع في البحر الأحمر وما سببته من آثار سلبية على قناة السويس المصرية.
وحول الاعتراضات الإثيوبية على التعاون العسكري المصري الصومالي، أوضحت "الطويل" أن إثيوبيا ترى أن القاهرة سيكون لها نقطة ارتكاز عسكري في دولة متاخمة لإثيوبيا، وهو ما يجعلها تثير القلق على خلفية الخلافات المصرية الإثيوبية في ملف سد النهضة. لكن بكل تأكيد، ليس من حق إثيوبيا الاعتراض على التعاون العسكري المصري الصومالي، لأن اعتراضها يمثل تدخلًا في الشؤون الداخلية لدولة الصومال، فهي دولة ذات سيادة.
من جانبه، أكد السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الإفريقية، على أهمية التعاون المصري الإفريقي خلال السنوات الأخيرة في المجالات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وإن كانت الظروف الحالية التي تشهدها المنطقة تقتضي تكثيف التعاون الأمني والعسكري بين مصر ودول القارة لضمان الحفاظ على الأمن القومي المصري، والأمن القومي العربي، وأمن وسلامة حركة الملاحة في منطقة البحر الأحمر باعتبارها بوابة قناة السويس.
وبين "حليمة" أنه بحكم الموقع الاستراتيجي لدولة الصومال على البحر الأحمر وما تشهده من نشاط لحركة الشباب الإرهابية وما تمثله من خطورة على حركة الملاحة في البحر الأحمر، طلبت الصومال من مصر توقيع اتفاقية التعاون العسكري. في ظل توجه مصر الهام لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وما لها من دور في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل ومنطقة القرن الإفريقي، ودور فعّال في قوات حفظ السلام.
وأشار نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الإفريقية إلى أن مذكرة التفاهم والتعاون العسكري التي وقعتها مصر مع نيجيريا تأتي في إطار الشراكة الاستراتيجية بينهما، وأن هذا التعاون العسكري له مردود سياسي واقتصادي وليس عسكريًا فقط، ولكنه يأتي في إطار شراكة استراتيجية بين مصر ونيجيريا في ظل توجه مصر لإقامة الشراكات الاستراتيجية مع دول القارة، ومن المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من التعاون المصري مع دول القارة.
المصدر: RT
القاهرة: محمد الصاحي