وأوضح أن هذه المؤامرة تكشفت بعد ظهور الملكة كليوباترا في فيلم وثائقي لمنصة نتفليكس في صورة سيدة زنجية سوداء اللون يتنافى مع أبسط الحقائق التاريخية وكتابات المؤرخين القدامى الذين سجلوا أحداث تاريخ في مصر في عهد الملكة "كليوباترا" والذين أكدوا أنها كانت ذات بشرة فاتحة اللون وأنها ذات أصول مقدونية.
وتابع: "تنحدر الملكة "كليوباترا السابعة" من أسرة مقدونية عَريقة حكمت مصر ما يقارب من 300 عام، أسسها الملك "بطليموس الأول" وهو أحد القادة المقدونيين بجيش "الإسكندر الأكبر" والذي آلت إليه ولاية مصر بعد بوفاة "الإسكندر"، وعلى الرغم من أن مؤسس هذه الأسرة كان من أصول مقدونية جاء مع جيوش الإسكندر التي غزت مصر، لكنه وأبناؤه من بعده أحبو مصر وعاشوا فيها، واعتبروا أنفسهم أبناء لهذه البلد، فأحبهم المصريون".
وأشار إلى أن الدليل على انخراط البطالمة في المجتمع المصري القديم، هو شعور الشعب المصري بأنهم جزءاً منهم، حيث امتزج البطالمة ذوو الأصول الإغريقية مع التقاليد والعادات المصرية، وحكم البطالمة بمبدأ أن مصر هي وطنهم وبلدهم، ولا بلد ولا وطن لهم سوى مصر، فقاموا بتسمية أنفسهم خلفاء الفراعنة، وخلال عصر هذه الدولة كانت الإسكندرية عاصمة ومركز للثقافة اليونانية، وكانت أيضًا مركزًا تجاريًا.
وأوضح الخبير المصري أنه قد حرص ملوك البطالمة على تصوير أنفسهم على الآثار المصرية القديمة وكتابة أسمائهم داخل الإطار الملكي المعروف باسم "الخرطوش"، وقد أقاموا الأعياد الدينية والاحتفالات المتتالية لمناسبات دينية مختلفة، وكذلك تشييد المعابد وتجديد المقاصير التي أصابها الزمن، وقربوا بين آلهة اليونان وآلهة المصريين، وتقبل المصريون الآلهة اليونانية ضمن مجمعهم الديني". وقد حدث نسب ومصاهرة بينهم وبين المصريين، ولهذا أحب المصريون القدماء البطالمة، واعتبروا أن ملوكهم امتداداً لملوك الفراعنة العظام.
ونوه الخبير الأثري ومدرس الآثار واللغة المصرية القديمة بجامعة الوادي الجديد في مصر محمود حامد الحصري لهذا كله فإن "كليوباترا" ليست سمراء أو زنجية ولكنها ملكة مصرية ذات ملامح هيلنستية وأصول يونانية فاتحة اللون، فوالدها الملك "بطليموس" الثاني عشر ووالدتها الملكة "كليوباترا" الخامسة وأخوها الملك "بطليموس" الثالث عشر وجميعهم من نفس جلدة اليونان ذوات البشرة البيضاء، وبالتالي لم يكونوا أفارقه أو ذوي بشرة سوداء.
ويوضح محمود الحصري أن تصوير الملكة المصرية "كليوباترا" السابعة بهذا الشكل، له غرض مسبق وهو خدمة من يسمون أنفسهم بجماعة "الأفروسنتريك Afrocentrism" أو ما يعرف بالمركزية الأفريقية، وهو نموذج فكري يسعى إلى تسليط الضوء على الهوية والمساهمات الخاصة للثقافات الأفريقية في تاريخ العالم، وتهدف هذه الحركة إلى القضاء على الجنس الأبيض في أفريقيا الشمالية والجنوبية وخصوصاً الأمازيغ والناطقين بالعربية والأوروبيون في أفريقيا الجنوبية، فضلاً عن الترويج لمقولة أن : الحضارة المصرية القديمة والحضارة المغربية والقرطاجية هي حضارات زنجية.
وتابع: "الافروسنتريك هي مؤامرة كبري علي مصر هدفها سرقة الحضارات وتزييف التاريخ، ولها الكثير من الداعمين حول العالم، منهم الممثل الكوميدي الأمريكي "كيفين هارت"، ومخرجة هذا العمل الأمريكية من أصول أفريقية "جادا سميث" زوجة الممثل "ويل سميث"، إحدى الداعمين لفكر المركزية الأفريقية، أو "الأفروسنتريك" والذي اتضح من خلال إخراجها لهذا العمل كم العبث في تزييف الحقائق التاريخية لصالح جماعات أو فئات بعينها بالمخالفة لمواثيق الأمم المتحدة التي تحض من الاعتداء علي الثقافات تحت مسمي الحريات".
وأكد الحصري أن فريق الدفاع عن الحضارة المصرية سيقدم كافة أوجه الدعم القانوني محليا ودوليا لمنع الاعتداء علي الحضارة المصرية العريقة، فنحن لسنا ضد الجنس الآخر ولسنا عنصريين، وإنما نطالب بأبسط حقوقنا في عرض حضارتنا دون تزييف.
المصدر: أخبار اليوم