وتوفر السجلات التي أنشئت عام 2017 بواسطة النظام الداخلي للشركة، الصورة الأكثر اكتمالا حتى الآن لممارسات مشاركة البيانات في عملاق المواقع الاجتماعية، مع التأكيد على أن البيانات الشخصية أصبحت السلعة الأكثر قيمة في العصر الرقمي، والتي يتم تداولها على نطاق واسع من قبل أقوى الشركات في "سيليكون فالي" وما ورائه.
وسمح عملاق المواقع الاجتماعية لمحرك البحث "Bing" في مايكروسوفت، بمشاهدة أسماء جميع أصدقاء مستخدمي فيسبوك تقريبا دون موافقة، وفقا للسجلات. كما منحت "نيتفلكس" و"سبوتيفاي" القدرة على قراءة الرسائل الخاصة لمستخدمي فيسبوك.
وسمحت الشبكة الاجتماعية لشركة أمازون بالحصول على أسماء المستخدمين ومعلومات الاتصال من خلال أصدقائهم، كما تمكنت "ياهو" من مشاهدة مشاركات منشورات الأصدقاء في الآونة الأخيرة خلال الصيف الماضي، على الرغم من التصريحات العلنية بأنها أوقفت هذا النوع من المشاركة قبل ذلك بسنوات.
ودافعت فيسبوك عن نفسها بالقول إنها لم تسمح للشركات الأخرى بالوصول إلى البيانات الشخصية دون إذن المستخدمين، كما لم تر أي دليل على إساءة استخدام البيانات.
ومؤخرا، واجهت فيسبوك سلسلة من الفضائح المتعلقة بالخصوصية، حيث انتشرت تقارير حول قيام شركة الاستشارات السياسية، كامبريدج أناليتيكا (Cambridge Analytica)، باستخدام بيانات فيسبوك بشكل غير صحيح لبناء أدوات تدعم حملة الرئيس الأمريكي، ترامب، عام 2016.
واعترافا من الشركة بأنها انتهكت ثقة المستخدمين، أصرت فيسبوك على أنها وضعت قواعد لحماية الخصوصية أكثر صرامة. كما أكد الرئيس التنفيذي، مارك زوكربيرغ، للمشرعين في أبريل الماضي، أنه توجد لدى المستخدمين "سيطرة كاملة" على كل ما يشاركونه عبر الموقع الاجتماعي.
ولكن الوثائق والمقابلات مع حوالي 50 موظفا سابقا في فيسبوك وشركائها، تكشف عن أن عملاق المواقع الاجتماعية سمح لبعض الشركات بالوصول إلى البيانات على الرغم من تلك الحماية. كما أنها تثير تساؤلات حول ما إذا كانت "فيسبوك" قد تعارضت مع اتفاقية عام 2011 للجنة التجارة الفدرالية، التي منعت "فيسبوك" من مشاركة بيانات المستخدم دون إذن صريح.
وإجمالا، استفادت أكثر من 150 شركة من الصفقات الموصوفة في الوثائق، معظمها من شركات التكنولوجيا، بما في ذلك متاجر التجزئة ومواقع الترفيه على الإنترنت، وكذلك شركات صناعة السيارات والمؤسسات الإعلامية.
وتظهر السجلات وجود طلبات للحصول على بيانات مئات الملايين من الأشخاص كل شهر. وكانت جميع الصفقات التي يرجع أقدمها لعام 2010، نشطة في عام 2017، وما زال بعضها ساريا هذا العام، وفقا للصحيفة.
وفي مقابلة معه، قال ستيف ساترفيلد، مدير الخصوصية والسياسة العامة في فيسبوك، إن أيا من الشراكات لا تنتهك خصوصية المستخدمين، وتتطلب العقود من الشركات الالتزام بسياسات فيسبوك.
واستطرد ساترفيلد موضحا: "تتطلب حماية معلومات الناس فرقا أقوى، وتقنيات أفضل وسياسات أكثر وضوحا، وهذا ما ركزنا عليه خلال عام 2018".
وقال بعض أكبر شركاء فيسبوك، بما في ذلك أمازون ومايكروسوفت وياهو، إنهم استخدموا البيانات بشكل مناسب، لكنهم رفضوا مناقشة صفقات الشراكة بالتفصيل.
وأوضح ساترفيلد أن اتفاقية F.T.C. لم تطلب من الشبكة الاجتماعية ضمان موافقة المستخدمين قبل مشاركة البيانات، ولكن الشركاء منعوا من استخدام المعلومات الشخصية لأغراض مشبوهة.
وتجدر الإشارة إلى أن البيانات الشخصية هي نفط القرن الواحد والعشرين، ومن المتوقع أن تنفق الشركات الأمريكية وحدها حوالي 20 مليار دولار بحلول عام 2018، لاكتساب ومعالجة بيانات المستهلكين، وفقا لمكتب الإعلانات التفاعلية (Interactive Advertising Bureau).
ولم يسبق أن قام موقع فيسبوك ببيع بيانات المستخدم الخاصة، خوفا من ردة الفعل والحذر من تسليم المنافسين المحتملين طريقة لتقليد أصولها الأكثر قيمة. وبدلا من ذلك، تظهر المستندات الداخلية، أن فيسبوك قامت بالأمر الأفضل: منح الشركات الأخرى إمكانية الوصول إلى أجزاء من الشبكة الاجتماعية، بطرق أدت إلى تعزيز مصالحها الخاصة.
المصدر: نيويورك تايمز