وفي صدارة هذه المجموعة المعقدة، يقف داء الثعلبة البقعية (Alopecia Areata) كنموذج صارخ لهذا الخلل، حيث تستهدف المناعة بصيلات الشعر مسببة تساقطه في بقع دائرية أو بيضاوية، ليصبح أكثر من مجرد مرض جلدي، بل نافذة على اضطراب جهازي قد يرتبط بأمراض مثل الذئبة أو اضطرابات الغدة الدرقية.
وتتجلى الحالة الإنسانية لهذا المرض في التجربة الشخصية التي شاركتها الإعلامية البريطانية ميلاني سايكس، والتي كشفت مؤخرا عن فقدانها ما يقارب ثلثي شعرها بسبب الثعلبة.
وأظهرت سايكس، عبر مقطع فيديو مؤثر على "إنستغرام"، معاناتها مع أعراض تتجاوز تساقط الشعر، قائلة: "أنا لست بخير.. لدي حالة مناعة ذاتية، أفقد شعري وأعاني من التهاب شديد في جميع أنحاء جسدي".
ويؤكد الأطباء أن الثعلبة البقعية غير معدية، وقد تصيب أي منطقة في الجسم، وتكون مصحوبة أحيانا بأعراض خفية تسبق تساقط الشعر أو ترافقه.
وتشمل هذه الأعراض:
- شعورا بالحكة أو الوخز في المنطقة المصابة
- جفاف العين وإيلامها إذا تأثرت الرموش
- تغيرات في الأظافر، مثل ظهور حفر صغيرة أو زيادة هشاشتها
- شعور بألم في فروة الرأس أو حتى صداع لدى بعض المصابين
ويتم التشخيص عادة عبر الفحص السريري، وقد تتطلب بعض الحالات إجراء خزعة.
أما أسباب المرض فما تزال غير محددة بدقة، رغم الدور الواضح للعامل الوراثي حيث يسجل 20% من المصابين تاريخا عائليا للمرض. ويمكن أن تكون المحفزات بيئية، مثل التوتر الشديد، أو الأمراض، أو حتى التدخين الذي يزيد من خطر تفاقم الحالة.
وعلى صعيد العلاج، لا يوجد شفاء تام حتى الآن، لكن النتائج تتفاوت بشدة بين المصابين. فبينما قد يشهد نحو 80% ممن يفقدون أقل من نصف شعرهم عودة للنمو تلقائيا خلال عام، تنخفض فرص التعافي الكامل إلى 10% فقط لمن يفقدون أكثر من نصف الشعر. وتتراوح الخيارات العلاجية بين الكريمات المحتوية على الكورتيكوستيرويد، والعلاجات المناعية الحديثة مثل "مثبطات JAK".
ويوصي الخبراء بأهمية استشارة الطبيب فور ملاحظة أي أعراض، لأن الثعلبة البقعية قد تكون أحيانا إشارة مبكرة لأمراض مناعية أخرى مصاحبة، ما يجعل التشخيص المبكر خطوة حاسمة في إدارة هذه الرحلة الصحية المعقدة، والتي تتحدى ليس فقط مظهر الشخص، بل وصحته النفسية وثقته بنفسه.
المصدر: ذا صن