ولكن، يعتقد بعض الخبراء أن "النسيج" المميز للجبن - أي تركيبه الجزيئي ومكوناته الفريدة - تعني أنه قد يكون مفيدا للصحة بالفعل.
وفي الواقع، تشير الأبحاث إلى أن الجبن له تأثير إيجابي على القلب والأمعاء والصحة العقلية الإدراكية، وقد يحمي من مرض السكري من النوع الثاني.
ووجدت إحدى أحدث الدراسات، التي نشرت في مجلة Nutrients، أن تناول الجبن بانتظام يرتبط بتحسين صحة الدماغ لدى كبار السن.
وقام الباحثون في اليابان بتحليل الأنظمة الغذائية لأكثر من 1500 شخص فوق 65 عاما - أولئك الذين أبلغوا عن تناول الجبن بانتظام (أي نوع، بين مرة واحدة في الأسبوع إلى كل يوم)، وسجل هؤلاء نتائج أفضل في الاختبارات المعرفية، وكان لديهم خطر أقل للإصابة بالخرف، مقارنة بالذين لم يستهلكوا الجبن على الإطلاق.
وبشكل منفصل، اقترح البحث الذي تم تقديمه في مؤتمر الجمعية الأمريكية للتغذية في يوليو الماضي أن نوعا من البكتيريا "الجيدة"، يسمى Lactobacillus rhamnosus، والذي يوجد بشكل طبيعي في جبن البارميزان والزبادي، يحسن الذاكرة ووظيفة الدماغ لدى كبار السن الذين يعانون من ضعف إدراكي، تمهيدا للخرف. ويعتقد أن البروبيوتيك (البكتيريا الحية النافعة) - الذي تم تقديمه في شكل مشروب للمشاركين في البحث - أعاد توازن ميكروبيوم الأمعاء والبكتيريا والفطريات والفيروسات التي تعيش في الجهاز الهضمي، وبالتالي أثر على وظائف المخ.
وكما يوضح جيمس غودوين، أستاذ فسيولوجيا الشيخوخة في جامعة لوبورو، فإن ميكروبات الأمعاء هذه تحفز الخلايا المناعية التي ترسل رسائل عبر الأعصاب إلى الدماغ.
ويعمل ميكروبيوم الأمعاء أيضا بشكل مباشر على الدماغ عبر العصب المبهم، الذي يربط الدماغ بالأمعاء. وبعض المواد الكيميائية التي يتم تصنيعها في الدماغ - بما في ذلك السيروتونين والدوبامين - يتم إنتاجها أيضا في القناة الهضمية.
ويساعد الجبن، ومنتجات الألبان الأخرى مثل الحليب والزبادي، في الحفاظ على تنوع الميكروبيوم لأنها تحتوي على مجموعة متنوعة من البكتيريا "الجيدة"، مع الجبن غير المبستر الذي يحتوي على تنوع أكبر من البكتيريا.
ويضيف البروفيسور غودوين: "يحتوي الجبن أيضا على مستويات عالية من الجزيئات المضادة للالتهابات، والتي تسمى الأولميد وديهيدروجستيرول، وهي مفيدة بشكل استثنائي للدماغ".
وعندما يتعلق الأمر بصحة القلب، على الرغم من المخاوف الطويلة الأمد من أن الدهون المشبعة في الجبن تزيد من مستوى الكوليسترول الضار (LDL) في الدم، فإن الأبحاث الحديثة تشير إلى عكس ذلك. وفي عام 2018، أشرفت الدكتورة إيما فيني، الأستاذة المساعدة في معهد الغذاء والصحة في جامعة كوليدج دبلن، على تجربة مدتها ستة أسابيع حيث تم تقسيم 164 شخصا فوق الخمسين من العمر، يعانون من ارتفاع طفيف في مستويات الكوليسترول في الدم إلى ثلاث مجموعات وتم إعطاؤهم 42غ من دهون الألبان يوميا.
وتلقت إحدى المجموعات هذه الدهون على شكل 120غ من جبنة الشيدر الناضجة. والأخرى مزيجا من الزبدة وجبن الشيدر قليل الدسم، بينما تم إعطاء المجموعة الثالثة مكونات منفصلة تحاكي الجبن (الزبدة ومكملات الكالسيوم ومسحوق كازينات الكالسيوم، على غرار البروتين الموجود في الجبن).
ووجدت الدراسة أن مجموعة الجبن كامل الدسم شهدت انخفاضا أكبر في نسبة الكوليسترول الكلي والكوليسترول الضار مقارنة بالمجموعتين الأخريين.
وتعتقد الدكتورة فيني أن تركيبة الجبن وكيفية احتجاز الدهون داخل بنيته أمر أساسي. وتقول: "يُعتقد أن الأحماض الدهنية الموجودة في الجبن ترتبط بالكالسيوم الموجود فيه، ما يجعل من الصعب على إنزيماتنا تفكيكه عندما يكون في بنية الجبن مقارنة بالزبدة. وهذا يعني أن كمية أقل من الدهون المشبعة تدخل إلى مجرى الدم عندما تكون في الجبن".
وأدى الجبن عالي الكالسيوم إلى انخفاض أكبر في نسبة الكوليسترول الضار. وتشمل الأجبان التي تحتوي على نسبة عالية من الكالسيوم الجبن الأبيض الناضج والصلب مثل الشيدر والبارميزان.
وأحد التفسيرات، وفقا للدكتور أوليفر غوتمان، استشاري أمراض القلب في مستشفى سانت بارثولوميو ومستشفى ويلينغتون في لندن، هو أن المكونات الموجودة في الجبن المعروفة باسم الشحميات السفينجولية قد تقلل من امتصاص الكوليسترول من الأمعاء.
ولكن في حين يركز بعض الخبراء على بنية الجبن، يشير آخرون إلى أن الدهون المشبعة التي تأتي من منتجات الألبان، قد تكون في حد ذاتها مفيدة وحتى يمكنها أن تحمي من مرض السكري من النوع الثاني.
المصدر: ديلي ميل