وتعرف الحالة باسم "الدم النسيلي ذي الإمكانات غير المحددة" (clonal hematopoiesis of indeterminate potential)، والتي يطلق عليها اختصارا اسم CHIP، وهي حالة تتراكم فيها الطفرات الجينية بخلايا الدم، ما يزيد خطر الإصابة بسرطان الدم.
وتكتسب بعض الخلايا الجذعية في الدم في حالة "الدم النسيلي ذي الإمكانات غير المحددة"، طفرات تقوي قدرتها على البقاء والتكاثر. ونتيجة لذلك، فإن الخلايا الطافرة هي المسيطرة، ويمكن لعدد قليل من الخلايا أن ينتج الكثير من الدم والخلايا المناعية في الجسم أو حتى كلها.
وفي معظم حالات "الدم النسيلي ذي الإمكانات غير المحددة"، تنتج خلايا الدم الجذعية المهيمنة ما بين 4% و30% من الدم وخلايا المناعة.
وأظهرت الدراسات التي أجراها أستاذ علم الأمراض المساعد في طب ستانفورد، سيدهارتا جايسوال، وآخرون، أن الذين يعانون من مرض "الدم النسيلي ذي الإمكانات غير المحددة" معرضون بشكل أكبر لخطر الإصابة بأمراض مختلفة.
ومن خلال تحليل البيانات الطبية وعينات الدم، أظهر جايسوال وزملاؤه أن المصابين بـ "الدم النسيلي ذي الإمكانات غير المحددة" هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب التاجية بمقدار الضعف، وأكثر عرضة للإصابة بأمراض الكبد المزمنة بعشرة أضعاف، و10 مرات أكثر عرضة للإصابة بسرطان الدم مثل اللوكيميا.
ولا يفهم الباحثون تماما سبب ارتباط "الدم النسيلي ذي الإمكانات غير المحددة" بأمراض أخرى غير سرطان الدم، على الرغم من أن بعض الدراسات أشارت إلى أن طفرات "الدم النسيلي ذي الإمكانات غير المحددة" تسبب زيادة في تنشيط الجهاز المناعي.
وحقق جايسوال وزملاؤه في وجود علاقة بين مرض ألزهايمر ومرض "الدم النسيلي ذي الإمكانات غير المحددة"، وتوقعوا عدم وجود أي ارتباط بين الحالتين.
وحلل الفريق بيانت مجموعة من المشاركين الذين تمت متابعتهم على مدى فترة من 10 إلى 15 عاما، ومقارنة السجلات الطبية وعينات الدم.
وقال جايسوال: "لقد فوجئنا عندما اكتشفنا أن الدم النسيلي ذا الإمكانات غير المحددة مرتبط بالفعل بانخفاض خطر الإصابة بمرض ألزهايمر".
ووجد الباحثون أن المصابين بـ "الدم النسيلي ذي الإمكانات غير المحددة" لديهم خطر أقل بنسبة 30% إلى 50% للإصابة باضطراب التنكس العصبي، مقارنة بأولئك الذين لم يكن لديهم طفرة "الدم النسيلي ذي الإمكانات غير المحددة".
ورأى الفريق ارتباطا سلبيا بين مرض ألزهايمر و"الدم النسيلي ذي الإمكانات غير المحددة" حتى عندما أخذوا في الاعتبار عوامل الخطر الأخرى.
وحلل الباحثون الارتباط بطريقة أخرى، لمعرفة ما إذا كان المصابون بمرض ألزهايمر أقل عرضة للإصابة بحالة "الدم النسيلي ذي الإمكانات غير المحددة". وأكد الفريق أن الأمر كذلك.
ولا يعني الارتباط أن هناك علاقة سبب ونتيجة. لذلك، أجرى جايسوال وزملاؤه أشكالا مختلفة من التحليلات الجينية، ووجدوا دليلا على أن "الدم النسيلي ذا الإمكانات غير المحددة" يمكن أن يعيق تطور مرض ألزهايمر بشكل سببي.
وقال جايسوال إن العلاقة بين "الدم النسيلي ذي الإمكانات غير المحددة" ومرض ألزهايمر تشير إلى وجود صلة غير متوقعة إلى حد ما بين خلايا الدماغ والخلايا التي تؤدي إلى الدم والجهاز المناعي.
ويمتلك الدماغ خلايا مناعية خاصة به، تسمى الخلايا الدبقية الصغيرة، وهناك بعض الأدلة على أن الخلايا الدبقية الصغيرة تكافح الالتهاب وتراكم السموم المرتبطة بمرض ألزهايمر. ولكن على مدى السنوات العشر الماضية، توصل العلماء إلى الاعتقاد بأن جميع الخلايا الدبقية الصغيرة تنشأ في الدماغ في وقت مبكر جدا من التطور البشري، خلال مرحلة الجنين.
ويبدو أن هذه الطفرات موجودة في الخلايا الدبقية الصغيرة. ووجد الباحثون أن ما بين 30% و90% من الخلايا الدبقية الصغيرة في عينات الدماغ من أولئك الذين لديهم "الدم النسيلي ذو الإمكانات غير المحددة" تحتوي على طفرات "الدم النسيلي ذي الإمكانات غير المحددة". وتميل نسبة الخلايا الدبقية الصغيرة المتحولة في أي دماغ فردي إلى مطابقة نسبة خلايا الدم الطافرة في باقي الجسم.
وصرح جايسوال: "هذا يشير إلى أن الخلايا تهاجر من الدم إلى الدماغ"، مضيفا: "إنه اكتشاف رائع".
ولم يتضح بعد كيف يؤثر هذا على تطور مرض ألزهايمر، لكن الباحثين يعرفون أن الخلايا الدبقية الصغيرة تساعد على محاربة الغزاة الميكروبيين وتنظيف النفايات في الدماغ.
وشرح جايسوال: "تقول إحدى الفرضيات إن الطفرات التي تعزز ميزة النمو في خلايا الدم الجذعية تعزز أيضا توسع ونشاط الخلايا الدبقية الصغيرة، ما يعزز قدرة الخلايا الدبقية الصغيرة على مقاومة الظروف التي تؤدي إلى أمراض الدماغ".
ولاحظ الباحثون أيضا، في عينات أدمغة المصابين بـ"الدم النسيلي ذي الإمكانات غير المحددة"، أن مستويات التشابك الليفي العصبي ولويحات الأميلويد، وكلاهما مرتبط بمرض الزهايمر، كانت أقل.
ويخطط جايسوال وزملاؤه لإجراء دراسات متابعة لمعرفة المزيد حول كيفية حماية الخلايا الدبقية الصغيرة المتحولة من مرض ألزهايمر.
وعلى الرغم من أن هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به، يأمل الباحثون أنه إذا تمكنوا من فهم هذه الآليات، فقد يساعد ذلك في توجيه تطوير علاجات جديدة يمكن أن تحمي يوما ما من مرض ألزهايمر، على حد قولهم.
نشرت الورقة البحثية في 15 يونيو في مجلة Nature Medicine.
المصدر: ميديكال إكسبريس