وتوصل الفريق إلى هذا الاستنتاج اعتمادا على مراجعة علمية لما يقارب 200 دراسة حول معدلات تلوث الهواء والوفيات بما في ذلك أمراض القلب والسكتة الدماغية ومشاكل الجهاز التنفسي وسرطان الرئة. نظرت المراجعة على وجه التحديد في الارتباط مع تلوث الهواء من حركة المرور، إضافة إلى تقييم منظمة الصحة العالمية العام الماضي.
وشملت المراجعة دراسة على أكثر من 100 ألف معلمة ومديرة مدرسة في كاليفورنيا، وتحليل لمدة 40 عاما لما يقرب من 400 ألف شخص في تعداد المملكة المتحدة، إلى جانب تحليل لسكان روما وبرشلونة ودراسات عن كبار السن في الدنمارك واليابان.
وخلصت المراجعة التي قادها معهد التأثيرات الصحية الأمريكي (HEI)، بثقة عالية، إلى وجود روابط قوية بين حركة المرور وتلوث الهواء على الطرق وزيادة معدلات الوفيات. كما توصلت مراجعة موسعة لمؤسسة التعليم العالي في عام 2022 إلى استنتاجات مماثلة في ما يتعلق بالصلات مع سرطان الرئة وحالات الربو الجديدة لدى الأطفال والبالغين.
وأظهرت الدراسات السابقة أن تلوث الهواء ضار بالناس، وهو لا يؤذي الرئتين ويؤدي إلى مجموعة متنوعة من الأمراض فحسب، بل يمكن أن يسبب أيضا مشاكل في العين والجلد والأمعاء.
وبينما أشارت العديد من الدراسات التي تبحث في تأثير تلوث الهواء على أولئك الذين يعيشون في المناطق الملوثة إلى الدور الذي تلعبه حركة مرور السيارات في المساهمة في تلوث الهواء، فإن عددا أقل من الدراسات نظرت في تأثير التلوث المروري فقط على الناس.
وفي هذا العمل الجديد، درس العلماء مواقع متعددة بحثا عن دراسات بهذا التركيز فقط ووجدوا ما يقرب من 200 منها.
وعند النظر إلى البيانات، وجد العلماء أن معظم هذه الدراسات، على الرغم من الطرق المختلفة التي أجريت بها، توصلت إلى نفس النتيجة، وهي أنه من المحتمل أن يؤدي التعرض طويل المدى للتلوث المروري إلى زيادة معدلات الوفيات، ويرجع ذلك في الغالب إلى زيادة أمراض الرئة مثل السرطان أو مرض الانسداد الرئوي المزمن.
ووجد الفريق أيضا أنه ليس فقط انبعاثات حركة المرور التي لها ارتباط قوي بالمشاكل الصحية، بل إنه يتم دفع الجسيمات في الهواء من تآكل الإطارات وكشط أسطح الطرق وحتى الضغط على الفرامل، والتي تؤدي إلى انبعاثات معادن مثل الحديد والنحاس.
وتوصلوا أيضا إلى أنه حتى مع التحول إلى السيرات الكهربائية، ستظل حركة المرور تنتج تلوثا للجسيمات من تآكل الإطارات والطرق وبدرجة أقل الفرامل. وبالتالي، فإنه يجب القيام بعمل لتقليل الأثر الصحي لمليارات السيارات التي تسافر على الطرق في جميع أنحاء العالم.
وقالت الدكتورة هانا بوجارد، التي قادت المراجعة: "لقد ساهمت لوائح جودة الهواء والتحسينات في تقنيات التحكم في انبعاثات المركبات في حدوث انخفاضات، ومع ذلك، فإن هذه التحسينات لا تعوض تماما النمو وزيادة الازدحام في السيارات في العالم".
وأضافت البروفيسورة باربرا هوفمان من جامعة دوسلدورف، المشاركة في المراجعة العلمية: "الدليل واضح للغاية: حركة المرور على الطرق لا تقتل فقط من خلال الحوادث ولكن أيضا من خلال المركبات المنبعثة الملوثة للهواء".
ويشار إلى أن تقريرا حديثا من إمبريال كوليدج لندن سلط الضوء على أن تلوث الهواء يضر بصحة الناس منذ ما قبل الولادة وحتى الشيخوخة. وتظهر الأدلة في التقرير أن المستويات الحالية لتلوث الهواء ستؤثر على الجميع في المدن المزدحمة، بما في ذلك أولئك الذين يعيشون في الضواحي الأقل تلوثا، وخاصة أولئك الذين يعانون من مخاطر صحية كامنة.
المصدر: ذي غارديان