مباشر

عندما تتجمد الشمس!.. الانقلاب الشتوي الذي ألهم أعياد الميلاد ورأس السنة

تابعوا RT على
مع نهاية العام، عندما يكون النهار في أقصر حالاته في نصف الكرة الشمالي، يحدث ما حدّد لآلاف السنين إيقاع حياة حضارات بأكملها: الانقلاب الشتوي، الذي يقع عادة في 21 أو 22 ديسمبر.

ولا يلاحظ الإنسان المعاصر هذا الموعد الفلكي بنفس القدر الذي كان يهم أسلافنا، لكنه كان بالنسبة لهم وقتا ذا معنى باطني وأهمية عملية كبيرة.

يحدث الانقلاب الشتوي عندما ينحرف نصف الكرة الشمالي بأقصى درجة عن الشمس، بسبب ميل محور الأرض بمقدار 23.5 درجة عن مستوى مدارها، ما يجعل الشمس تصل إلى أدنى نقطة لها فوق الأفق.

في عام 2025، تم تحديد لحظة الانقلاب بدقة تصل إلى الدقيقة، وكانت في 21 ديسمبر الساعة 18:03 بتوقيت موسكو. وبعد هذه اللحظة يبدأ النهار بالزيادة تدريجيا بعد أن بلغ أقصر مدته، بينما قبل الحدث وبعده تظهر الشمس وكأنها "متجمدة" على ارتفاع واحد، وهو ما أعطى الظاهرة اسمها: الانقلاب أو "الوقوف".

ويختلف طول النهار حسب خط العرض: ففي موسكو يستمر أقصر نهار حوالي 7 ساعات، وفي سانت بطرسبرغ أقل من 6 ساعات، بينما في مدينة بوليارني زوري الواقعة شمال الدائرة القطبية الشمالية تظهر الشمس لمدة 18 دقيقة فقط، في حين يشهد نصف الكرة الجنوبي النهار القطبي ويحل فيه الانقلاب الصيفي.

معابد المراصد: تقاويم حجرية لاستقبال الشمس

ما يُفهم اليوم كحقيقة فلكية، كان بالنسبة للشعوب القديمة ذا أهمية عملية وحاسمة مرتبطة بانبعاث الشمس. ويمكن ملاحظة ذلك في المعالم الأثرية التي عملت كمراصد وتقاويم.

من أبرز الأمثلة مقبرة نيوغرانج في أيرلندا (حوالي 2500 قبل الميلاد)، حيث تتقدم حزمة ضوء الشمس عبر نافذة فوق المدخل، وتمتد لمسافة 19 مترا إلى الغرفة المركزية خلال الانقلاب الشتوي، وتستمر حوالي 17 دقيقة.

أما ستونهنج في بريطانيا، فموجه نحو غروب الشمس في يوم الانقلاب الشتوي، وكان على الأرجح يعمل كتقويم شمسي معقد. ولا يزال الناس يحتفلون هناك بانعطاف الشمس نحو الصيف، حيث يجتمع السياح لمشاهدة الشمس تشرق في مركز القوس الحجري القديم.

حتى الزكورات في بلاد الرافدين القديمة تم إنشاؤها لرصد انعطافات الشمس، وتمتد أهميتها إلى الألفية الثالثة والثانية قبل الميلاد. وفي روسيا المعاصرة، توجد هياكل حجرية فريدة في مناطق تشيليابينسك وكراسنودار، وخصوصا في قرية فوزروجدينيه قرب غيليندجيك، حيث يوجد أكثر من 20 دولما أقدم من أهرامات مصر، ويعتقد أنها كانت مرتبطة بالطقوس الفلكية والانقلابين الشتوي والصيفي.

من عبادة الانقلاب الشتوي إلى شجرة عيد الميلاد

كانت فترة الانقلاب الشتوي عند الشعوب الجرمانية القديمة وقتا لتكريم الحياة الأبدية. ولحماية المنزل من الأرواح الشريرة في أكثر الأيام ظلاما، كانوا يجلبون الأشجار دائمة الخضرة، ولا سيما شجرة الصنوبر، إلى بيوتهم. ومع الوقت، بدأوا بتزيينها، ليصبح هذا التقليد أساس شجرة عيد الميلاد الحديثة، حيث يعتقد أن الزخارف الساطعة تصرف الأرواح الشريرة.

عند الشعوب السلافية، كان عيد كوليدا يمثل ولادة الشمس الصغيرة، ويصاحبه طقوس سحرية لتعزيز قوة الشمس وضمان حصاد جيد. من هذه الطقوس ارتداء أقنعة حيوانات، الطواف على المنازل مع ترانيم، وإشعال نيران طقسية للدفء والطرد الرمزي للأرواح الشريرة.

أما لدى الشعوب الإسكندنافية، فكان عيد يول يستمر أسبوعين ويكرس لإحياء ملك الشمس، مع حرق جذوع يول الطقسية، وتزيين المساكن بالنباتات دائمة الخضرة، وإقامة الولائم الوفيرة، ليصبح هذا الأساس المتين لتقاليد عيد الميلاد ورأس السنة الحالية.

المصدر: نوفوستي

 

 

 

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا