تميزت مرحلة من التاريخ الروسي بذيوع صيت الإمبراطور بطرس الأكبر، وهو أمر مفهوم، فهو إصلاحي ناجح في التاريخ الروسي، ومؤسس الدولة الحديثة، ومدينة بطرسبورغ، واستورد من أوروبا الكثير من الصناعات.
أما اليوم فيهتم الرأي العام كثيرا بالقيصر إيفان الرابع الشهير بإيفان الرهيب.
دُشن العام الماضي تمثال لإيفان الرهيب في مدينة أريول، وفي نهاية يوليو من هذا الصيف، ظهر نحت يجسده وسط العاصمة موسكو. لم يقف الأدب مكتوف اليدين أمام شهرة هذا القيصر القاسي من العصور الوسطى فكتب ميخائيل غيغولاشفيلي رواية "السنة الغامضة" عن الوقت الذي قضاه إيفان الرهيب المتقدم في السن، والذي تراجعت قواه العقلية معتكفا في أملاكه في ألكساندروفكا، تاركا الحكم للتتري المعمد سيميون بيكبولاتوفيتش.
في حوار لمذيعة لينتا رو، ناتاليا كوتشيتكوفا، والمذيع، نيقولاي ألكساندروف، مع خبير العصور الوسطى أستاذ جامعة العلوم الإنسانية الحكومية في موسكو، ميخائيل أوديسكي، صرح الخبير بأن إيفان الرهيب كان يحمل أشياء متناقضة داخله، فقد كان بالفعل موهوبا، فكان يكتب الشعر، وكتب العديد من الصلوات، بل تميز أسلوبه الأدبي بالحرية والواقعية نظرا لحضوره الطاغي وحكمه المتسلط، فكان ينتقل بين الأسلوب الأدبي الرفيع، وبين الأسلوب الحياتي اليومي بسلاسة فريدة، أكسبت ما يكتبه طابعا متميزا وسط الأدب الروسي.
كان إيفان غروزني، والحديث للأستاذ أوديسكي، محبا للمعارك، لكنه كان في الوقت نفسه حكيما. كان صارما، لكنه كان صارما مع الجميع، مع الفقراء والأغنياء على حد سواء، حتى أنه قلل من تأثير الأرستقراطية الروسية في الحكم.
وعلى الرغم من أن الإمبراطور بطرس الأكبر قد حل مشكلات لم يتمكن من حلها إيفان الرهيب، إلا أن الفولكلور الروسي يصب اهتماما أكبر على إيفان الرهيب أكثر من بطرس الأكبر. يعود ذلك كما يقول أوديسكي إلى أن الفن الشعبي لا يتفق دائما والقيم والمبادئ والإنسانيات، فالشعوب تميل إلى الحاكم القوي والعادل. كان إيفان يشبه كثيرا ما قاله المؤرخ جوميليوف عن بوريس غودونوف، الذي كان إصلاحيا حقيقيا وعادلا بطريقته، فعلى الرغم من قسوته إلا أنه "أراد أن يكون الجميع سواسية في البؤس".
المصدر: لينتا رو
محمد صالح