الخميس الأسود كان الحلقة الأولى في سلسلة الأزمة الاقتصادية عام 1929، تلاه انهيار سوق الأسهم إلى الجمعة السوداء في 25 أكتوبر، ثم الاثنين الأسود في 28 أكتوبر، فالثلاثاء الأسود في 29 أكتوبر.
حينها انخفض مؤشر داو جونز الصناعي إلى 381.17، وبدأ المستثمرون المذعورون في التخلص من الأوراق المالية. وفي يوم واحد جرى تداول أكثر من 12.9 مليون سهم، وزاد انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 11٪ أخرى.
على الرغم من انخفاض مؤشر داو جونز بنسبة 4.6 ٪ يوم الأربعاء قبل يوم من الأزمة، لم يتخيل أحد أن المستثمرين يوم الخميس الأسود سيتخلصون من 12.9 مليون ورقة مالية، ما أدى ليس فقط إلى انخفاض المؤشر بنسبة 11 ٪، ولكن أيضا بداية أزمة اقتصادية عالمية.
في يوم "الخميس الأسود"، جرت محاولة لإنقاذ الوضع. حوالي الساعة 16:30، حين بدا أن الحمى التي أصابت السوق لا يمكن إيقافها، وافق كبار المصرفيين على استثمار 40 مليون دولار للمحافظة على الأسعار ومنع تكرار الانهيار. ومع ذلك، لم تكن هذه الجهود كافية، ولم يعد من الممكن إيقاف الكارثة.
في الأيام القليلة التالية، مرت بورصة وول ستريت بصدمة حقيقية. أفلس الآلاف من المستثمرين، واندلع الذعر بين الأمريكيين، كما تسببت تلك الأوضاع في انتحار عدد كبير من رجال الأعمال المهمين الذين سقطوا في هوة عميقة من الإحباط واليأس. وحكم على ملايين الأمريكيين بالبطالة.
اقتصاد الولايات المتحدة كان انتعش في أعقاب الحرب العالمية الأولى وخاصة في القطاعين الصناعي والتجاري لعقدين من الزمن.
خلال تلك الحقبة، شهدت الولايات المتحدة نموا اقتصاديا سريعا، وأصبحت ناطحات السحاب والسيارات الفارهة رموزا لذلك الازدهار.
كانت صناعة السيارات والبناء والمصارف تتطور بسرعة. بحلول نهاية فترة الازدهار، كانت الولايات المتحدة قد أنتجت 44 ٪ من الناتج الصناعي العالمي باستثناء الاتحاد السوفيتي، وكان ذلك أكثر من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان مجتمعة.
الكساد الكبير بدأ، وحل "الخميس الأسود" ثم "الاثنين الأسود" و"الثلاثاء الأسود"، واستمر الانهيار العنيف لما يقرب من ثلاث سنوات.
بدأ الكساد الكبير في يوليو 1932، حين وصل مؤشر داو جونز إلى مستوى منخفض وسجل 41 نقطة فقط، بانخفاض يعادل 10 مرات تقريبا. استمرت حالة اليأس بدرجات متفاوتة من الشدة لمدة عشر سنوات. في عام 1933، سجل الناتج القومي الإجمالي الأمريكي أقل بمقدار الثلث تقريبا عما كان عليه في عام 1929، فيما عاد الناتج الإجمالي فقط في عام 1937 إلى مستوى عام 1929، ثم انخفض مرة أخرى. حتى عام 1941، بقيت قيمة الدولار بالنسبة جميع المنتجات المصنعة أقل مما كانت عليه في عام 1929.
لم ينقذ الاقتصاد الأمريكي من الأزمة الاقتصادية الخانقة ويدفع به إلى التعافي إلا حرب ثانية.
في هذا السياق كتب الخبير الاقتصادي دونالد هوب يصف أزمة عام 1929 قائلا: "يعد انهيار سوق الأسهم في أكتوبر 1929 أحد المعالم الدرامية، مثل اغتيال يوليوس قيصر، أو وصول كولومبوس أو معركة واترلو، والتي يشير المؤرخون بها إلى نقاط تحول في تاريخ البشرية".
الخبير الاقتصادي بول كروغمان كتب يقول: "قبل الكساد الكبير، كان لدى معظم الاقتصاديين فكرة عن الرأسمالية، كنظام مثالي أو شبه مثالي. أثبتت هذه الرؤية أنها غير مستدامة في مواجهة البطالة الجماعية، ولكن مع تلاشي ذكريات الأزمة، وقع الاقتصاديون في حب الرؤية المثالية القديمة للاقتصاد".
الخبير الاقتصادي خلص إلى أن "معظم المؤرخين مقتنعون في الوقت الحالي بأن هذا الحدث كان نقطة التحول الرئيسة، وبعد ذلك بدأ الاقتصاد العالمي في الوقوع في هاوية لا نهاية لها".
المصدر: RT